صــدمــة الميــلاد يتعرض الإنسان كما تتعرض المجتمعات للحظات حاسمة تتقرر فيها مصائر الأفراد ، كما تتقرر فيها مصائر الشعوب أو أمم
يعتقد سجمون فرويد ان أول صدمة يتلقها الفرد في حياته أو أول موقف حرج يتعرض له الكائن البشري هي " لحظــة الميــلاد "
اذ يخرج من رحم أمه دون رغبة منه .
إذ تتوفر له داخل الرحم بيئة مثالية ، ففي البيئة الرحيمية ينعم بانتظام درجة الحرارة و هو مظلم تقريبا ، و بالتالي فهو مريح لعينيه و يتمكن الجنين من الحركة الدائرية
التى تريح ظهره و كتفيه لعدم الإرتكاز على أي منها لفترة طويلة .
كما يسود الرحم الصمت المريح و يحصل على الغداء بالنتظام و بكميات ملائمة لحتيجاته دون ان يظطر لصراخ .
يذهب فرويد إلى القول بأننا حينما يبلغ بنا الإجهاد النفسي و البدني دروته في كل نهاية نهار نلجأ إلى النوم الذي هو محاكات للمرحلة الجنينية طلبا للراحة فيلجأ الفرد
إلى الفراش و يظلم الحجرة و يتدفأ بالأغطية و يمتنع عن الكلام و يطلب ممن حوله الإلتزام بالهدوء و يتقلب في الفراش و يأخذ جسمه الهيئة المطلوبة لجسم الجنين
فتكون ركبته قرب بطنه ( وضع القرفصاء )
يلخص فرويد بأن هذه المرحلة الجنينية هي من أسعد المراحل النمو لكل فرد ، بدليل انه حين يبلغ به التعب ينكص إلى تلك المرحلة دون سواها من مراحل العمر .
في هذا العمل يؤكد علماء النفس ان الإظطربات النفسية و العاطفية تعود جذورها إلى تجربة ميلاد الإنسان نفسه ، وكل انسان يسعى شعوريا إلى العودة إلى حالة النعيم الأولى التى يتمتع بها حين كان في رحم أمه .
تظل صدمة الميلاد تؤثر في الإنسان تأثيرا لا ينقطع طوال عمره و يحاول جاهدا استعادة توازنه و استئناف مسيرة نموه
وتعد دراما الميلاد بالنسبة للأم شوقا و انتظار و حنين ، أما بالنسبة للجنين تمثل صدمة وكأنها عملية طرد من جنة كان يعيش فيها .
من وجهة نظر علماء النفس ان البحث عن الدلال في الطفولة المبكرة ما هو إلا محاولة التغلب عن الصدمة بصورة طبيعية .