الصحة العقلية والعلاج النفسي الوقائي
إن الإجراءات التي يجب اتباعها لكي يحافظ الإنسان على صحته، هي ليست حكراً على الأشخاص الأسوياء الذين يتمتعون بصحة جيدة، بل هي ضرورية أيضاً لأولئك الأفراد من ذوي الخلفية المرضية تاريخياً كذلك.
فالذهان مثلاً شأنه شأن الشيزوفرينيا، يترك آثاراً تبقى ندوبها ظاهرة في الشخصية المريضة، فتؤثر هذه بمرور الزمن على مناعة الجهاز العصبي فتحدث فيه خللاً.
وفي حالات كهذه، فإن قواعد الصحة العقلية تقتضي اتخاذ أقصى ما يمكن من إجراءات مقننة على المستويين الفردي والإجتماعي، وأن يرافق ذلك دواعي العلاج وعوامل إعادة تأهيل المرضى، وهي عناصر غاية في الأهمية إذ إن إعادة تأهيل المرضى من الأهمية بمكان ليعود المريض منتجاً.
ويجب مد يد العون إلى أشخاص طالتهم غوائل الأمراض المختلفة، ومنها مثلاً أمراض عضوية إنتابت الجهاز العصبي منهم، فراحوا يمرون بمراحل من التصلب في المرونة الجسمية والعضلية تحد من نشاطهم في الحركة، وتؤدي بهم إلى التخشب في المرونة المطلوبة للتصدي لمقتضيات الحياة. ورعاية لهؤلاء، يجب أن تخفف عليهم أعباء الحياة، وأن تخفض لهم متطلبات العمل إلى أدنى حد ممكن، وأن تنسب إليهم وتوكل أعمال ذات مسؤوليات أقل إجهاداً، وأن تكون تعقيداتها ليست مما تستنزف منهم طاقات عقلية وجسمية جبارة، وأن يستمتعوا بقسط أوفى من الراحة، وأن يجعلوا في حياتهم نظاماً تمثل فيه العناصر الملائمة المهيئة للأسباب الصحية.
وترتبط الصحة العقلية إرتباطاً وثيقاً بالعلاج النفسي الوقائي، وتقترن كذلك بنظام منسَّق من إجراءات شتى يمكن أن تساعد كثيراً في الحيلولة دون وقوع الأمراض النفسية.
وفي هذه الحالة يكون ثمة دور أساسي للعلاج النفسي الوقائي العام لدرء مخاطر كبيرة قد تقع للفرد في حياته اليومية، كما يمكن أن تحدث مثل هذه المخاطر المحتملة للجماعة. ولإستئصال شأفة بعض الأوبئة المرضية يجب أخذ الأمور الآتية بعين الإعتبار:
1 ـ التصدّي للأمراض الوبائية والقضاء عليها.
2 ـ التصدِّي للمخدرات واستئصال آثارها.
3 ـ منع العقاقير السامة التي انتشرت بين الناس والتصدِّي لها.
4 ـ التصدي للتدخين والإبتعاد عن مضاره.
5 ـ الإبتعاد عن المشروبات الكحولية.
6 ـ تجنب الإكثار من العقاقير الطبية إلا عند الضرورة وباستشارة الطبيب.
ومفهوم الوقاية من الأمراض العقلية وهو ما يعرف بالعلاج النفسي الوقائي النسبي، أو الثانوي يقتضي الإلتزام بالأمور التالية:
1 ـ أخذ الإحتياطات اللازمة والتصدي للحيلولة دون وقوع اضطرابات نفسية لدى الأشخاص الذين يعانون من خلل ولادي في جهازهم العصبي.
2 ـ أخذ الإحتياطات اللازمة للحيلولة دون وقوع الإضطرابات العصبية التي يمكن أن تتسبب في مضاعفات فيزيولوجية جسمية، ولا سيما لدى النساء الحوامل اللاتي قد تصيبهن اضطرابات نفسية فتضر مباشرة الجنين.
3 ـ أخذ الحيطة والحذر من الإنتكاسات في حالات الأمراض العصبية ـ النفسية.
إن التصدي لهذه الحالات وما يصحبها من ظواهر إنما تلقى على عاتق العلاج النفسي الوقائي، وإلى ما ينبغي إتخاذه من إجراءات، ويجب التنبيه إلى:
1 ـ التسمم وما يحدثه من أضرار بشكليه الفردي والعام.
2 ـ أخذ الإحتياطات اللازمة والحذر من وقوع العدوى المرضية من أي نوع كانت.
3 ـ أخذ الإحتياطات اللازمة والحذر من وقوع الرضّات أو الصدمات النفسية.
4 ـ الأخذ في عين الإعتبار لضرورة مراقبة الصحة العقلية سواء في ظروف العمل، أم على مستوى معطيات الحياة اليومية.
ويجب التنبيه هنا إلى أن بعض الأمراض النفسية والعقلية، كالشيزوفرينيا مثلاً، يمكن أن تعاود الإنسان، من بعد أن يشفى منها، وذلك في حالة تعرض ذلك الشخص إلى صدمة نفسية عابرة، أو بسبب إصابته بعدوى مرضية جسمية، أو بسبب عوامل خارجية أخرى.
ولعل أنجح علاج وقائي يتمثل في سير الطب النفسي والجسمي جنباً إلى جنب مصاحبين للتوعية التربوية للحياة اليومية.
منقول للفائدة